احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

قدَر وإبتلاء !

بسم الله الرحمن الرحيم



أنا أروى من ذوي الإعاقة وإعاقتي حركيّة ؛ قالَت لي أمّي : هذا قَدرٌ ياصغيرتي ، فقُلتُ سمعًا وطاعة ياقَدرِي ، كان قدري هُو الأجمل بوجُود إعاقة يظنّها من حولِي نُقصانًا وأراها عينَ الكمال روحًا عقلاً وإن كانت نُقصانًا في جسَد ؛ فقد أدركتُ عند إصابتِي بأن الأقدار لا تعترف بالخرائط الدقيقة أو الخطُوط الواضحة  فهي تأتي مباغتة وسريعة ولا تلبث أن تستوعبها حقًا حتى تكُون قد أسقتك من الحكمة والجمال مايكفيك لتعيش عمرًا آخر .

كُتِبت الأقدار بأمرٍ من الله مُسبقًا وستقع علينا كبشَر شِئنا أم أبينا ، أردناها أو لم نُردها ، أرضتنا أو لم تُرضينا ، الأمر الذي يجعل من التصالح معها والرضا بها أمرا لا يحتاج للمزيد من القوّة ، فالله لا يُعطي البشر إلا مايستحقون لأنه العدلُ سُبحانه ، ولا يهبهُم إلا مايستطيعون إحتماله فلا يكلفهم مالاطاقة لهم به .

هذه القناعة تجعل من تقبّلنا لأقدارنا أمرًا حتميًا ولا مفرّ منه ، فالله يبتلي عباده ليختبر صبرهم وقوّتهم في مواجهة ذلك المرض أو الإعاقة أو أيّ ابتلاءٍ من أيّ نوع ، في جسد أو نفس أو روح أو حتى عقل ، الإبتلاء ياسادة ليس عقابًا كما يسمّيه البعض من المتاخذلين ؛ الإبتلاء رِحلَة سامِيَة ؛ تترفّع فيهَا عن التوافِه لـ تُصبِح أنقى حسًا وَ أرقى شعُورًا فكُل مؤمِن مُبتَلى وليسَ مُعاقَب .

فالإبتلاء نضجٌ للفردِ قبل أوانه وتطهيرٌ للقلبِ قبل إحتقانه وتنميةٌ للفكرِ قبل إكتماله ؛ فجمال الإبتلاء في ترويض النفس وإنارة الفِكر ومعرفة أن فوق كل ذي علمٍ عليم .

إبتلائي كان بإعاقةٍ غيّرت مساراتي بعد أن كنتُ طفلةٍ لا تكاد تفقه ،

فلم يدُر بخلدي كطفلة بأن آلامًا أتكبّدها تصقلنِي من الداخِل لتغمُرنِي بالرضا والقناعة فيما بعد ؛ أيقنتُ حينها أن الألم ليس سوى جامعةٌ لا تُخرّج إلا الرائعين والمتكاملين من الداخل فضلاً عن قناعةٍ تسكنهُم ، فمهمَا طال وجُود ذلك الألم الذي صنعَ الإبداع فإنه سيمُوت يومًا ؛ لـ يحلّ مكانه الأمل الذّي لا ينضَب والفرَح اللامُنتهِي ، فالألم ومهما إختلفت أشكاله وألوانه فهو شكل من أشكال الإبتلاء .


الحقيقة التي لا أستطيع حجبهَا أن إبتلائي وإعاقتي كانَت أجمل إضافة في حياتي فلم أراها مرضًا ، بل رأيتُها وعيًا وأملاً وحياةً يملأها الإيمان بأن الخِيرة خفيّة وأن الألم وإن طال فسيشرق ضياء الأمل يومًا .

إعاقتي هِي قدرِي السعِيد الذي لا أنسى فضله في نُضجي وقوّتي التي لم أكُن لأحصل على بعضها لو لم أكُن مُعاقة ؛ حتى بتُّ لا أدعو الله شفاءً بل أدعوهُ خيرةً حتى في المَرض .


فكانت حياتي قدرًا فـ ابتلاء فـ اعاقة فـ نجاح وأمل


شكرا للقراءة والسلام عليكم ..

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق

12:02م | 12 حزيران، 2013
" فالإبتلاء نضجٌ للفردِ قبل أوانه وتطهيرٌ للقلبِ قبل إحتقانه وتنميةٌ للفكرِ قبل إكتماله ؛ فجمال الإبتلاء في ترويض النفس وإنارة الفِكر ومعرفة أن فوق كل ذي علمٍ عليم " تكفيني هذه ، بارك الله في هذا العقل الناضج الواعي ..
Haneen
10:41م | 20 نيسان، 2013
رُب صحيح أحوج من ( ذو اعاقة ) لقرآءة كلماتكِ . . أروى . . أنتم اِسمٌ آخر للأمل . . هبَة للمجتمع . . و أسمى صورة للطموح !أحبكم . . فحيث أنتم ثمة أمل