زهرةُ الربيع ، حينَ قُطِفت .. !
الزمَــان / يَوم مِن أيّام خـَرِيف 2002
المكَـــان / أحَد المُستشفيَات بـِ مَدِينة الرِيَآض
( زهــرَة )
ذاتَ العِشرُونَ رَبيعَاً , لَم يَكُن جُلّ إهتِمامُها بـِ المَوضَة وَ الأزيَــاء والأغــَانِي وَ حُب المُرَاهِقِين !
لَم تـَكُن أقـدَارُهَا تــَسمَح لَهَا بـِذلِك
سَرِيرُهَا الأبيَض يَقــبَع بــِأحَد مُستـَشفـَيات الرِيـــــاض ..
بـِجَانِبي !
كَانَ الألَمُ سَاكِنـَاً عَينـَاهَا وَالأمَلُ مُحَدّقـَاً بِهَا لَعَلّهُ يُغـَيّر مَا سَيُسمَح لَهُ بـِ التـَغـيِير ..
وَ لـِ سُخـرِيَةَ القـَدَر أنـّهَا أمٌّ لـِ طِفـلَين !
زَوجٌ لا يُبَالِي وَأبٌ عَجُوز لا يُرِيد إلا أن تـَكُون آبنـَتـُهُ بـِ خَير ..
وَحِيدة وذابــِلة تـُرِيد الشِفــَاء تـُرِيدُ العَودة لـِ الحَيَاة ..
ذاتَ مَسَآء سَاكِن ، أمّي بـِ قـُربِي وَالهُدُوء يَسكُن الأرجَاء
صَوتُ أنِينـُهَا يُزَلزِلُنِي ، لا أستـَطِيع مُسَاعَدَتــُهَا ، طَلَبَت مِنـّي أن إستـَطَعت إحضَار الهَاتِف المَوضُوع عَلَى الرُفـُوف ..
لَم أستـَطِع !
فـَ تـَكَفــّلَت أمّي بـِ ذلِك ، عُدتُ لـِ أكمِل رِوَايَةً بَيْن يَدَيّ ..
بـِدُونَ تِلكَ المُقـَدّمَات التـّي تـُصِيبُ الأصِحّاء : إرتِفـَاع الحَرَارَة أو الصُدَآع . . . الخ
تـَشـَنـّج عَصَبِي !
جَهِلتُ انّ هُنــَاكَ مَن هُوَ اصعَبُ مِنــّي وَضعَاً
أنــا وَ زهرَة نـُعاني مِن ذات المُشكِلَة وَالعَيب الذي يَعتــَرِي اجسَادنـا ، الإخـتِلاف فِي المَكَان ..
حِينَ سَمِعتُ حَدِيث الطَبِيب المُوَجّه لِي
أدرَكتُ أنّ قـَدَرِي يَمنـَعُنِي مِن إمتِطَاء صَهوَة جَوَاد الصِحّة
شَعَرتُ حِينـَهَا أنّ الألَم خــُلِقَ مِن أجلِي !
وَ المُعَانــَاة سَخــّرَت نـَفــْسَهَ لـِي ..
وَ تـَجَاهَلتُ كَلِمَاتـُه التـَفـَاؤلِيّة عِنـدَمَا ذكَر أنـّنِي أفــضل مِن الآخـَرِين !
سَخِرتُ مِمّا قـَال حِينـَهَا :)
كَيفَ أكُون الأفضَل وَالعَيبُ الخــَلقِيّ يَسكُن جَسَدِي وَيُؤْلِمُ ظــَهرِي !
تــَبّاً لـِ شَرَايِينٍ غـَيرَ آبِهَة بـِمَا تـَفـعَلُ بِي ، تـَبَاً لـِ أعصَابٍ تـَالِفـَةْ .,
هَذا مَا كَانَ يُرَاوُدِنِي حِينـَهَا
بَعد زهرَة سَكَنـَتــنِي القـَنـَاعَةْ بـَأنــّنِيْ أفـضَل مِن الكَثِيرِين فِي هَذا العَالم !
شَرَايِينِي مَنــَعَت قـَدَمَاي مِن الحَرَاك ، أمّا شَرَايِينُ زَهرَة فـَ مَنـَعَتـهَا مِن الكَثِير
شَرَايِينِي أسفَلَ ظــَهري وَ شَرَايِينــُهَا فِي المــــُخ !
قـَالَ لِي طَبِيبِي إبتــَسِمِي فـَلَستِ الأسوأ عَلَى كُلِّ حَال
.: همسَة :.
إن كُنـتَ تـَرَى أنّ الحُزن قـَد طَغـَى عَلَى أفـكَارِك وَجَلَى طُمُوحَاتِك .. فـَ مَهلاً عَزِيزِي ..
مَاذا سَيَفـعَل المُقـعَد غـَير القــَادِر عَلَى الحَرَاك !
هَل خـَطَرَ لَكَ فِي يَوم أن يَحرِمُكَ جَسَدُك مِن مُمَارَسَة مَاتــُحِب
هَل تـَخــَيّلتَ أن يَكُونَ الجَسَد هُوَ المُتـَصَرّف فِيمَا تــُحِب وَفِيمَا تــَكرَه
الهِوَايَات وَ الأنــشِطَة جَسَدُكَ هُوَ المُتــَصَرّف لأنــّهُ لا يَستــَطِيع فِعل كُلّ مَاتــُرِيدُهـ
أخــُيّلَ لَكَ فِي يَوم أن تــَكُون غــَيرَ قــَادِر عَلَى السَير
خـــُذلان الجَسَد مُؤلِم !
الإيمَان بـِ الطُمُوح وَالأحلام وَالثِقــَة بـِ الله هِيَ الأقـْوَىْ وَالأبْقـَىْ
سَتــَفـنـَى الأجسَاد وَتــَبقـَى العُقــُول بـِمَا حَوت
الأمَل وَحُلُمُ الشِفـــــــَاء دَافِع لـِ تـَحقِيق ذواتـــِنـَا
لَيسَ الجَسَد بـِ مُقــَيّدٍ لـِ تـَحلِيق الطُمُوح وَعُلُوّ الفِكر
هُوَ دَافِع وَلَم يَكُن يَومًا عَائِقـَاً !
شكرا للقراءة ..
اضافة تعليق